أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن مرحلة الطفولة المبكرة فى حياة الطفل تشكل الملامح الأساسية لشخصيته, وترسم الخطوط العريضة لما سيكون عليه مستقبله, ففى هذه المرحلة يحاول اكتشاف كل ما حوله ويتعرف على البيئة المحيطة به, ويفحص كل شىء تقع عليه عيناه عن طريق قاموس مدركاته.
يقول د. رسمى رستم أستاذ التخطيط التربوى بالمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية إن الاضطرابات النفسية التى يتعرض لها الأطفال مصدرها الأساسى الظروف والبيئة المحيطة فالطفل الذى لا يجد البيئة التى تشبع له احتياجاته, ويشعر بأنه غير مرغوب فيه فيصبح سيئ التوافق مضطربا نفسيا, أما الطفل الذى يجد الحب والحنان من والديه فيشعر بالسعادة والطمأنينة والرضا, فالطفل بطبيعته يستطيع أن يلمس هذا الحب فى بسمة سعيدة أو فى نظرة حب تشعره بدفء الحياة وجمالها.
ويضيف د. رسمى أن الطفل بحاجة إلى الشعور بالاطمئنان والأمان والهدوء النفسى داخل أسرته, فهى التى تحميه من أى مخاوف أو متاعب يشعر بها، والطفل حين ينظر إلى والديه يقتدى بهما وعلى خطواتهما يسير ومنهما يتعلم الحب والخير والحنو والصدق والالتزام.
فالطفل يقارن بين ما يقال وبين السلوك الحقيقى، فإذا وجد تناقضا بين ما يقال له وما يتم عمله بالفعل يصاب بالتمزق والاضطراب النفسى, ويفقد القدرة على التوازن والتمييز، وفى النهاية لابد أن يدرك الوالدان هذه الحقيقة ويكونا مثالا لكل الصفات الجميلة والطيبة حتى يشب الطفل على ذلك.
القصص السيئة تؤثر فى شخصية طفلك
دائماً ما تؤثر شخصيات القصص التى نرويها لصغارنا على شخصياتهم ودائماً ما يميل الأطفال إلى تقليد شخصيات القصص الخيالية، وليس هناك ما يعيب ذلك فدائماً كان الأطفال يميلون إلى الجانب المضىء فى القصة ويختارون تقليد الشخصيات التى تسعى للخير..
الخوف كل الخوف من أن يسعى الأطفال إلى فعل ما كانوا يفعلونه فيما مضي؛ فقد انتشرت فى الآونة الأخيرة نوعية من قصص الأطفال تتضمن حكايات مرعبة ومغامرات مستحيلة، وخيالاً علمياً ساذجاً وأشياء ضد الطبيعة.
وهذه النوعية تخلق ما يسمي ثقافة الرعب وهو ما يجب أن تتنبه له الأسرة جيداً للمحافظة علي الأبناء..
وقد أقر المتخصصون أننا نعاني في الوقت الحاضر من الأمية العلمية في شكل أطفال وشباب عاجزين عن فهم الكثير من الموضوعات العلمية المهمة التي تؤثر في حياتهم، ويتضح لنا أنهم لم يتلقوا جرعات علمية حديثة وكافية أثناء دراستهم، كما لم يتم تربيتهم بالطريقة التي توصلهم إلى المعرفة التي يحتاجون إليها لكي ينجحوا في حياتهم.
وهناك أسباب عديدة لهذه الأمية العلمية، منها وجود التلوث الفكري، الذي يتمثل في شكل روايات وقصص تزخر بالأحداث المرعبة والتي تدفع القارئ إلى الإيمان بالسحر والغيبيات وتؤثر في سلوكه وتجعله عنيفاً، لا يؤمن إلا بالقسوة، كما تصيبه بالكوابيس والأرق والعنف الفكري في محاولة تقليد أبطال هذه القصص والروايات.. وكل ما نخشاه أن يصبح أطفالنا وشبابنا مدمنين لهذه الكتب والقصص دون أن تكون لها فائدة تذكر إلا الآثار الضارة التي تحدثها في عقولهم.
ويجب على الآباء والأمهات ملاحظة ما يقرأه أبناؤهم لأنه لا يكفي أن يقرأوا فقط ولكن يجب أن يقرأوا الكتب المفيدة أو كتب الثقافة العلمية، التي تتناسب مع التطورات العلمية التي يشهدها العالم، وتتضمن شرحاً وتحليلاً وتبسيطاً للنظريات العلمية الحديثة في شكل أخبار وحقائق ومفردات ومفاهيم؛ فهذا سيساعدهم علي بناء الإطار الفكري الذي يمكنهم من فهم قضايا الحاضر والمستقبل، وحتى لا يشعر أبناؤنا بالاغتراب والعزلة عن أطفال وشباب العالم الذين يهتمون بالوسائل العلمية.